الحمد لله
والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه، أما بعد:
فإن الذي دلت عليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن صدقة الفطر إنما تُخرج
طعاماً لا نقوداً. ويدل على هذا ما يأتي:
أولاً: حديث ابن عمر الثابت في الصحيحين: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة
الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير- وفي رواية: أمر- قال ابن عمر: فعدل الناس
عدله مدين من حنطة)
وفيهما أيضاً حديث أبي سعيد: )كنا نخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم
الفطر صاعاً من طعام)
والأحاديث في هذا متعددة، بل عند البيهقي قوله عليه الصلاة والسلام:( أدوا صاعاً من
طعام في الفطر)، وعند النسائي أن ابن عباس قال وهو يخطب على المنبر:( صدقة الفطر
صاع من طعام)
فهذه النصوص صريحة الدلالة على أن المشروع للمسلم أن يخرج صدقة الفطر من طعام،
ويؤيده حديث ابن عباس عند أبي داود وابن ماجة:( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم
زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطُعمة للمساكين).
فقوله (طُعمة) دليل على أن الإطعام مقصود للشرع في هذه العبادة.
فكيف يصح مع هذا: القول بأنه يجوز إخراج القيمة فيها؟
ويمكن أن يناقش قول المجيزين واستدلالاتهم بما يأتي :
أولاً: أن هذا القول مصادم للنصوص؛ فهو قول مردود. قال ابن قدامة في الكافي:( ولا
تُجزئ القيمة لأنه عدول عن المنصوص).
ثانياً: أنه مخالف للإجماع العملي للصحابة رضي الله عنهم؛ فأبو سعيد رضي الله عنه
يحكي فعلهم فيقول:( كُنا نخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفطر صاعاً
من طعام)
وابن عباس يخطب على المنبر – كما سبق – بأن صدقة الفطر صاع من طعام، ولم يخالفه
أحد، ولم يثبت عن أحد من الصحابة قط خلاف ذلك.
ثالثاً: مما يدل على عدم جواز دفع القيمة في زكاة الفطر: كون النبي عليه الصلاة
والسلام عيّن أجناسا مختلفة فيها، وهي ذات أقيام مختلفة؛ فلو كانت القيمة معتبرة
لكان الواجب صاعا من جنس وما يقابل قيمته من الأجناس الأخرى. قال الماوردي في
الحاوي في معرض بيانه لضعف القول بإخراج القيمة: (ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم
نص على قدر متفق من أجناس مختلفة؛ فسوّى بين قدرها مع اختلاف أجناسها وقيمها؛ فدل
على أن الاعتبار بقدر المنصوص عليه دون قيمته، ولأنه لو جاز اعتبار القيمة فيه لوجب
إذا كان قيمة صاع من زبيب ضروع –وهو الزبيب الكبار- أضعاف حنطة فأخرج من الزبيب نصف
صاع قيمته من الحنطة صاع – أن يجزئه؛ فلما أجمعوا على أنه لا يجزئه وإن كان بقيمة
المنصوص عليه دل على أنه لا يجوز إخراج القيمة دون المنصوص عليه).
رابعا: وأما الاستدلال بأثر عمر بن عبد العزيز الذي أخرجه ابن أبي شيبة: قال قرة:(
جاءنا كتاب عمر بن عبد العزيز في صدقة الفطر: نصف صاع عن كل إنسان أو قيمته نصف
درهم)
فما أحسن جواب الإمام أحمد عنه كما روى أبو طالب: قال لي أحمد: لا يُعطى قيمته، قيل
له قوم يقولون: عمر بن عبد العزيز كان يأخذ بالقيمة، قال: يدعون قول رسول الله صلى
الله عليه وسلم ويقولون: قال فلان! قال ابن عمر: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم
– يشير إلى الحديث السابق – وقال الله تعالى:( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول). (نقله
ابن قدامة في المغني).
وبعض من تكلم في هذا الموضوع من المعاصرين ضخم القضية بأن أثر عمر بن عبد العزيز
رحمه الله يدل على أن رأيه هو المذهب الرسمي للدولة في عهد التابعين.
فيقال: وقد كان المذهب الرسمي للدولة في عهد الصحابة في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان
وعلي رضي الله عنهم: إخراج الصدقة طعاماً، ونهجهم أسد، واتباعهم أولى، فكيف وهذا
هديه عليه الصلاة والسلام الذي لا يجوز تقديم رأي عليه.
خامسا: وأما استحسان من استحسن إخراج النقود لكونه أرفق بالفقير؛ فهو استحسان في
مقابل النص؛ فهو مردود، ثم إن هذا التعليل كان قائماً في العهد النبوي وعهد
الصحابة؛ فهل يتصور هؤلاء أنهم في ذلك العهد كانوا يعيشون في صحراء لا حاجة لهم إلا
إلى الطعام! كلا؛ بل كانت لهم حوائج كما أن الناس اليوم لهم حوائج؛ فهم يحتاجون إلى
الكسوة، والدواب وعلفها، ويحتاجون إلى سداد الديون وإلى بناء البيوت وإلى مهور
الزواج ... إلخ
فحاجات الفقراء أنذاك متعددة، كما أنها اليوم متعددة؛ فلِم لم يُشرع إعطاؤها نقوداً
مع قيام المقتضي لذلك وزوال المانع؟ فهذا دليل على أن الإطعام مقصود للشرع كما
أسلفت، وخلاف ذلك خلافٌ للشرع فهو مردود، وفي الحديث: ( من عمل عملاً ليس عليه
أمرنا فهو رد).
ثم أن هذا الاستحسان يقابله استحسان آخر؛ فللمتمسك بالنصوص السابقة أن يقول: إن
إخراج زكاة الفطر طعاماً هو الأرفق بالفقير؛ لأن في هذا سداً لضرورة من أعظم
ضروراته، وأنا أعلم أن أسراً كثيرة تأكل مما تُعطاه من هذه الصدقة العام كله أو
أكثره، وربما لو أعطي الفقير النقود لصرفها في أمور أقل نفعاً له من هذا الأمر
الضروري، بل ربما فيما لا ينفع.
فإن قيل: وماذا عن حاجاته الأخرى؟ قيل: وهل ليس في الشرع من التبرعات إلا زكاة
الفطر؟ فلنسد ضرورة الفقير إلى الطعام بزكاة الفطر، ولنكفه حاجاته الأخرى بزكاة
المال أو صدقة التطوع، والحمد لله.
سادسا: لو طردنا التعليل بالرفق بالفقير وأن إعطاءه النقود أرفق به –كما يذكره بعض
المعاصرين- فإنه يمكن أن يخرج المكفّر في كفارة اليمين بدل الإطعام والكسوة المنصوص
عليهما في الآية نقودا؛ لأن هذه العلة موجودة في هذه الصورة أيضا؛ إذ لا فرق بين:
(فكفارته إطعام عشرة مساكين) وحديث: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر
صاعا من تمر) الحديث. ثم يمكن أن نستمر في طرد هذه العلة في كفارة الظهار أو الجماع
في نهار رمضان، وهلم جرا في مسائل شتى في الشرع، وهو تغيير لوضعه، ولا إخال هؤلاء
قائلين به؛ وهو دليل بيّن على ضعف مأخذهم في هذه المسألة.
سابعا: إذا كان دافع القول بإخراج القيمة –كما يفهم من كلام بعض المعاصرين-
التصرفات الخاطئة من بعض الفقراء أو التجار؛ فليس الحل في تجاوز النصوص والاستحسان
المخالف لها؛ وإنما في توجيه الناس وحثهم على التحري في دفع هذه الزكاة بحيث تقع
موقعها الشرعي.
وليت شعري هل إذا انتقل الناس إلى دفع القيمة وفوجئنا بظاهرة سلبية جديدة في توزيع
الزكاة أو أخذها فهل سننتقل إلى حل آخر؟!
وأخيرا .. فإن الذي شرع هذه العبادة العظيمة هو الحكيم الخبير سبحانه، وهو العليم
بحال عباده والأصلح لهم.
إن زكاة الفطر شعيرة ظاهرة يتعارفها المسلمون بينهم؛ بهذا مضت السنة، وعلى هذا درج
الصحابة، وخيرٌ للمسلمين أن يؤدوها كذلك؛ فهو أهدى سبيلا وأبرأ للذمة وأقرب
للاتباع.
وفق الله الجميع لهداه، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله
وصحبه أجمعين.
د. صالح بن عبد العزيز بن عثمان سندي
dr.saleh.s@gmail.com
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن الفتوى عند السلف الصالح: أمانة عظيمة، وحِمل ثقيل؛ فأحب م
إساءة الصحف الدنمركية والنرويجية في حق نبينا الكريم -عليه الصلاة والسلام- وفداه أبي وأمي ليس شيء يهيج في قلب المؤمن غيظا أعظم منها، بل لا يستريب ا
تدبر آية (2) (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فهذه الآية العظيمة من سورة
الحمد لله ذي العزة والجبرياء، والعظمة والكبرياء، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء، من أُنزل عليه كتابٌ لا يغسله الماء، وعلى آله وصحبه الأتقياء ال
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإنه لم يكن من هدي السلف الحرص على الإفتاء، أو الإعلان على الملأ أن خط
الحمد لله، وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فقبل سنوات انشقت الأرض عن نبتة ضالة خبيثة كانت تغمز قناة الدين على است
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فقد تصاعدت وتيرة الحملة الإعلامية العالمية ضد "السلفية"، مع صبغها بصبغ
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن التوحيد دين الحنيفية، والحج شعار الحن
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فيطرح كثير من طلبة العلم هذا السؤال: ما هو حمار الوحش الذي ثبت في الأحاديث الك
(تعقيب على مقال: "منهج السلف" للشيخ عادل الكلباني) الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فقد كثر الخوض هذه الأيام ف
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فإن من الأودية الواسعة المؤدية إلى الباطل: استعمال الألفاظ المجملة ذات المعاني
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن ثمرة الأعمال الصالحة كلها -ظاهرها وباطنها-: صلاح القلب و
بسم الله الرحمن الرحيم سأكون أول من يحتفل بالمولد النبوي لو ظفرت بحديث فيه حث منه صلى الله عليه وسلم على تخصيص يوم الثاني عشر من ربيع الأول بمي
كنت عزمت على إغلاق باب المناقشة من جهتي فيما أطلقت عليه (الرسالة): سجال ابن تيمية؛ فلم يعد هناك ما يستحق الوقوف عنده، غير أن العدد الصادر بتاريخ 2
الحمد لله الحق المبين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وأصحابه الميامين، أما بعد: فمن كان يمر بخياله أنه سيأتي يوم يطل علينا فيه من هو
( ردٌ على مقال: سلفي في مقام سيدي عبد الرحمن لإبراهيم طالع الألمعي ) الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عبده المصطفى وآله وصحبه ومن اقتفى، أما بعد:
الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فإن الخيلاء تكبرٌ وعجبٌ وترفعٌ لتخيل فضيلة تراءت للإنسان في نفسه. وهو
تدبُر آية (1) (إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما) الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه، أما بعد: فتحت قوله سبحانه: (عندك) يلوح
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن قطب رحى الشريعة ومقصدها الأسمى: إخلاص
نشر في الصحافة –عكاظ في 14/5/1428هـ- خبر إعادة بناء سقيفة بني ساعدة بجوار المسجد النبوي، وسيكون مبنى متعدد الأدوار، فيه قاعة للمؤتمرات والندوات وا
أكاذيب إعلامية (1) العلماء ورفض افتتاح مدارس البنات بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وآله وصحبه، أما
1/ لا تعارض بين دعوة المسلمين وغير المسلمين، فكلاهما من أبواب الخير "الأهم"، والموفق من ضرب من كل خير بسهم. 2/ دعوة الكفار تحتاج إلى: علم وحكمة و
كنت عزمت على إغلاق باب المناقشة من جهتي فيما أطلقت عليه (الرسالة): سجال ابن تيمية؛ فلم يعد هناك ما يستحق الوقوف عنده، غير أن العدد الصادر بتاريخ 2
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده؛ أما بعد: فقد حبست وسائل إعلام عالمية أنفاسها، وترقبت منظمات وشخصيات بلهفة ما يسفر عنه يوم (21
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه، أما بعد: ففي أيام الفتن المدلهمة يكون للإشاعات سوق رائجة ، وب
مما يتفق عليه العقلاء أن الجدال العقيم وكثرة القيل والقال ليست شيئا مرغوبا فيه، ومن هذا المنطلق جاء التوجيه النبوي الكريم بترك الجدال ولو كان المر
إساءة الصحف الدنمركية والنرويجية في حق نبينا الكريم -عليه الصلاة والسلام- وفداه أبي وأمي ليس شيء يهيج في قلب المؤمن غيظا أعظم منها، بل لا يستريب ا
الحمد لله، وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فقبل سنوات انشقت الأرض عن نبتة ضالة خبيثة كانت تغمز قناة الدين على است
عنوان الرد: (ردا على د. قيس آل مبارك ... من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب كما قال ابن حجر) وقفت أثناء تقليبي لملحق الرسالة (بتاريخ 24 من جمادى الآخر
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن قطب رحى الشريعة ومقصدها الأسمى: إخلاص الدين لله، وعبادته وحده